سلط موقع " والرلد كرانش" العالمي الضوء على التداعيات التي أحدثتها الزيادة في أسعار الوقود في مصر بسبب القرارات التي اتخذتها الحكومة في شهر يوليو الماضي والخاصة بخفض دعم الوقود، قائلا إنها حدت بشريحة كبيرة من المواطنين إلى البحث عن وسائل مواصلات بديلة أرخص تكلفة.
وأوضح الموقع في تقرير له نشره اليوم- الخميس- إن المصريين تمتعوا ولسنوات طويلة بالدعم لأسعار الوقود والتي كانت تحدد العادات والسلوكيات المتعلقة بإستخدام وسائل المواصلات، مضيفا أن مصر تحتل المرتبة الـ85 من بين 61 دولة على مستوى العالم من حيث انخفاض أسعار الغاز الطبيعي العالمي، وفقا لدراسة أعدتها شبكة بلومبرج الإخبارية الامريكية المعنية بالشأن الاقتصادي.
وأردف الموقع أن أسعار الوقود المرتفعة باتت تشكل عبئا على الجميع في مصر في الوقت الراهن، وليس فقط الأسر التي تمتلك سيارات خاصة بها والتي لا تتجاوز نسبتها 14% من جموع الشعب المصري.
وأفاد الموقع أن السواد الأعظم من المصريين ممن يعتمدون على وسائل النقل الخاصة مثل سيارات الأجرة " الميكروباص والتاكسي"، قد تأثر أيضا بزيادة التعريفة وارتفاع تكاليف السلع اليوميةن ما دفع الكثير منهم إلى البحث عن وسائل نقل بديلة أرخص تكلفة، في حين يجد الأخرون بدائل أقل.
ونقل " والرلد كرانش" عن نجلاء عبد الباري التي تعيش في حي المعادي والتي يتعين عليها قيادة سيارتها يوميا إلى مكان عملها في المهندسين، قولها إنه منذ ارتفاع أسعار الغاز، لجأت إلى ركن سيارتها الخاصة – ماركة سكودا- واستخدام المترو ثم التاكسي كي تصل إلى عملها.
وتابعت عبد الباري: " السيارة أفضل بالطبع لي. ولكن يبدو المترو خيارا عمليا مع أنه يتطلب مهارات معينة عند الصعود إليه والنزول منه نظرا لشدة الزحام. وأجرة التاكسي مرتفعة للغاية تكاد تصل إلى الضعف نظرا لتوقف السائقين عن استخدام العداد."
وأشارت عبد الباري إلى أن تكلفة الوقود ليست هي التي ارتفعت فقط ولكن أيضا مصروفات ركن السيارة، أسعار الدواء والغذاء، ما يستلزم منها ترشيد نفقاتها. لكن بالنظر إلى أن وسائل النقل العام غير ملائم لها فضلا عن ممارسات التحرش الجنسي التي أصبحت شائعة في الشارع، تفكر نجلاء جديا في بيع سيارتها الحالية وشراء أخرى موفرة في الوقود.
وذكر محمد مصطفى، مواطن اخر يعيش في مدينة نصر إنه يرفض قطعيا ترك سيارته كوسيلة نقل أساسية، مفسرا ذلك بقوله: " أذهب بسيارتي في رحلات طويلة، وأنا أكره وسائل النقل العام في مصر، ومن ثم فلم تؤثر أسعار الغاز الجديدة على نمط حياتي إلا على نحو قليل."
على صعيد متصل، اشار " والرلد كرانش" إلى صفحة " كار بولينج إيجيبت" التي دشنتها أحمد كريم، على موقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك" بعد ارتفاع أسعار الغاز، وتضم مجموعة من حوالي 500 شخص.
ويرى كريم أن هذه الصفحة تُعد فرصة جيدة لحض الأشخاص على اصطحاب أصدقائهم وذويهم وجيرانهم في سياراتهم إلى الأماكن التي يرغبون في الوصول إليها، قائلا إنه كان يصطحب هو نفسه الأصدقاء والغرباء على حد سواء في رحلاته من مصر الجديدة إلى القرية الذكية أو الزمالك.
ووفقا لدراسة أجرتها منظمة " جرين أرم" Green Arm غير الحكومية، يصل عدد السيارات الجديدة التي تستقبلها الطرق سنويا إلى 200 وحدة. ولفتت المنظمة إلى أن الحكومة المصرية تنشيء مساحات لاستيعاب مزيد من المركبات، مع توسيع الطرق وبناء كباري جديدة، مات ينتج عنه فقدان بنفس القدر ملاعب كرة القدم من المساحات العامة أسبوعيا.
لكن من سوء الطالع أن المصريين لا تروق لهم خيارات أخرى بديلة لوسائل النقل مثل المشي أو ركوب الدراجات الهوائية، وفقا لما جاء في تقرير الموقع.
ويقول علماء البيئة إن ثمة تحول واضح على المستوى العالمي من المركبات الخاصة إلى وسائل النقل العامة أو البدائل الأخرى، ولاسيما في أوروبا، حيث بدأ الأشخاص يتخلون بالفعل عن سياراتهم الخاصة.
ولكي يحدث هذا في مصر، يعتقد أحمد درغامي، الاستشاري البيئي والمؤسس المشارك لـ" جرين أرم" أن الناس بحاجة إلى تغيير ثقافة الخجل المتعلقة بركوب وسائل النقل العام، وربما تكون الزيادة في أسعار الغاز عاملا مشجعا لهم في هذا الصدد.